: อิมาม โคมัยนีย์ : ¤س،إèزا¶ض§حشءزءâ¤ءرآ¹صآى - الشيعي أحمد الكاتب. ( المقالة الثانية )

الشيعي أحمد الكاتب

8/9/1425

ل¹ذ¹س¼ظéح×è¹

¾شء¾ى؛·¤ازء¹صé


الشيعي أحمد الكاتب. ( المقالة الثانية )

الشيعي أحمد الكاتب. ( المقالة الثانية )

 

أحمد الكاتب

 

الديكتاتورية الدينية

إذا أعطينا الفقيه الصلاحيات المطلقة والواسعة التي كانت لرسول الله (ص) وأوجبنا على الناس طاعته ، وهو غير معصوم ، فماذا يبقى من الفرق بينه وبين الرسول؟.. ولماذا إذن أوجبنا العصمة والنص في الإمامة وخالفنا بقية المسلمين وشجبنا اختيار الصحابة لأبي بكر مع انه كان افقه من الفقهاء المعاصرين ؟

 مادام الفقيه إنسانا غير معصوم فانه معرض كغيره للهوى وحب الرئاسة والحسد والتجاوز والطغيان ، بل انه معرض أكثر من غيره للتحول إلى اخطر دكتاتور يجمع بيديه القوة والمال والدين ، وهو ما يدعونا إلى تحديد وتفكيك وتوزيع صلاحياته اكثر من غيره ، لا ان نجعله كالرسول أو · الأئمة المعصومين ، فانه عندئذ سيتحول إلى ظل الله في الأرض ، ويمارس هيمنة مطلقة على الأمة كما كان يفعل الباباوات في القرون الوسطى .

وهذا ما حدث في الجمهورية الإسلامية الإيرانية عندما قال الإمام الخميني في رسالته إلى السيد علي الخامنائي :· ان الحكومة تستطيع ان تلغي من طرف واحد الاتفاقيات الشرعية التي تعقدها مع الشعب إذا رأت انها مخالفة لمصالح البلد أو الإسلام ، وتستطيع ان تقف إمام أي أمر عبادي أو غير عبادي إذا كان مضرا بمصالح الإسلام ، ما دام كذلك . ان الحكومة تستطيع ان تمنع وفي ظروف التناقض مع مصالح البلد الإسلامي إذا رأت ذلك ان تمنع من الحج الذي يعتبر من الفرائض المهمة الإلهية ، وان باستطاعة الحاكم ان يعطل المساجد عند الضرورة ، وان يخرب المسجد الذي يصبح كمسجد ضرار ولا يستطيع ان يعالجه بدون التخريب !

 وقد يجوز كل ذلك فعلا عند المصلحة والضرورة .. ولكن المشكلة هي من يحدد المصلحة والضرورة؟ إذ ان كل حاكم يرى ان المصلحة تقف إلى جانبه وان الصواب هو ما يراه ، فإذا أعطيناه القدرة على تخريب المساجد فانه قد يخرب ويهدم المساجد المعارضة له ويعتبرها كمسجد ضرار ، وتبلغ المشكلة قمة الخطورة عندما نعطي للحاكم القدرة على إلغاء أية اتفاقية · شرعية يعقدها مع الأمة بحجة انه رأى بعد ذلك انها مخالفة لمصلحة البلد أو الإسلام ، دون ان نعطي الأمة الحق في تحديد تلك المصلحة أو ذلك التناقض مع الإسلام .

 وبالرغم من ان الإمام الخميني كان قد التزم مع الشعب الإيراني بالدستور الذي أعده مجلس الخبراء في بداية تأسيس الجمهورية الإسلامية ، وحدد فيه صلاحيات الإمام ، إلا انه ألغى الدستور عمليا وتجاوز صلاحياته ليتدخل في أعمال مجلس الشورى ومجلس المحافظة على الدستور ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ، وذلك انطلاقا من إيمانه بقدرة الفقيه الحاكم على إلغاء أية اتفاقية شرعية يعقدها مع الشعب ، إذا رأى بعد ذلك انها تتناقض مع مصلحة الأمة أو الإسلام ، وهو ما عبر عنه للسيد الخامنائي عند احتجاجه على بعض تلك التجاوزات .

 ويعود جذر المشكلة إلى ان الإمام الخميني لا يعتبر شرعية الفقيه في الحكم مستمدة من الأمة ، وإنما هو · منصوب ومجعول ومعين من قبل الإمام المهدي أو الأئمة السابقين ، ولذلك فانه ليس بحاجة إلى اخذ رضا الأمة في أية مسألة ، وله الحق ان يعمل بما يتوصل إليه في اجتهاده ، وعلى الأمة ان تطيعه بلا مناقشة أو تردد ، وهو ما يمنحه صلاحيات مطلقة أخرى ، ويجيز له و لأي فقيه ان يستولي على السلطة بالقوة أو الانقلاب العسكري أو يحتكرها بعد ذلك ويصادر الحريات والحقوق العامة ويلغي الأحزاب ويعطل مجلس الشورى ، أو يصدر قوانين جديدة تتعارض مع الدستور أو الشرع ، كما اصدر الإمام الخميني قانون (المحاكم الخاصة لرجال الدين) المعمول بها حتى الآن ، والمنافية للمساواة الإسلامية والقوانين الوضعية ، والتي تحكم بما تشاء على من تشاء كيفما تشاء .

ويستند الإمام الخميني في نظريته هذه في (الجعل والنصب والتعيين) على نظرية (النيابة العامة للفقهاء في عصر الغيبة عن الإمام المهدي) وهي نظرية مستنبطة حديثا في القرون الأخيرة ولم يكن لها وجود في القرون الإسلامية الأولى ، و لا يبقى لها أي أساس إذا لم نستطع إثبات ولادة ووجود الإمام المهدي (محمد بن الحسن العسكري) نفسه .

وعلى أي حال فان الإمام الخميني الذي يؤمن بنظرية الجعل والنصب للفقهاء من قبل الإمام المهدي ، يقع في مشكلة عويصة هي مشكلة التزاحم بين الفقهاء والصراع فيما بينهم على ممارسة السلطة والولاية ، ويحاول حلها في كتاب (البيع) بصورة أو بأخرى . ولكنه لا يخرج منها بحل مرضٍ خصوصا وانه لا يرى أي دور للامة في تفضيل واحد من الفقهاء على الآخر ، أو حصر الحق بالولاية لمن تنتخبه الأمة ، كما يرى الشيخ المنتظري في كتاب ( دروس في ولاية الفقيه) .

كل هذا يجعلنا نقول : ان الجزء الأول من نظرية ( ولاية الفقيه) السياسية معقول جدا ، ولكن الجزء الثاني (النيابة العامة) الذي يبتني على أحاديث (نقلية) ضعيفة ، يبدو غير منطقي ولا معقول ، خاصة وانه يتسبب في إعطاء الولاية المطلقة العامة للفقهاء ، وتجريد الأمة منها .

 

المطلب الثالث : إلغاء الدور السياسي للامة

وقد كان لتطور نظرية (ولاية الفقيه) على قاعدة نظرية (النيابة العامة عن الإمام المهدي ) المرتكزة على نظرية (الإمامة الإلهية ) أثر كبير على طبيعة النظرية ونموها في جانب واحد هو جانب السلطة ، دون جانب الأمة ، حيث أصبح للفقيه من الصلاحيات ما للإمام (المعصوم) وما للنبي الأعظم (ص) وأصبح الفقيه ( منصوبا) و (مجعولا ) و (معينا ) من قبل (الإمام المهدي) و (نائبا ) عنه ، كما كان (الإمام المعصوم) منصوبا ومجعولا من قبل الله تعالى ، وبالتالي فانه قد اصبح في وضع (مقدس) لا يحق للامة ان تعارضه أو تنتقده أو تعصي أوامره أو تخلع طاعته ، أو تنقض حكمه .

ويذهب السيد كاظم اليزدي في (العروة الوثقى) ( المسألة 57 من كتاب الاجتهاد والتقليد) ، وجمع كبير من العلماء ، إلى عدم جواز قيام مجتهد بنقض حكم مجتهد آخر جامع للشرائط ، وذلك استنادا إلى مقبولة عمر بن حنظلة التي تعتبر الرد على الفقهاء استخفافا بحكم الله ، وردا على الأئمة من أهل البيت ، وتقول: ·ان الراد عليهم كالراد على الله ، وهو على حد الشرك بالله . 22

ومن هنا فقد اتخذت فتاوى العلماء وآراؤهم الاجتهادية الظنية صبغة دينية مقدسة ، ووجب على عامة الناس غير المجتهدين · تقليد الفقهاء والطاعة لهم سواء في التشريع أو التنفيذ أو القضاء ، وحرمت عليهم مخالفتهم .

وبما ان (الأئمة المعصومين ) - حسب نظرية الإمامة الإلهية - معينون من قبل الله تعالى ، وان لا دور للامة في اختيارهم عبر الشورى ، ولا حق لها في مناقشة قراراتهم أو معارضتها ، وان الدور الوحيد المتصور للامة هو الطاعة والتسليم فقط ، فقد ذهب أنصار مدرسة (ولاية الفقيه المنصوب والمجعول والنائب عن ( الإمام المهدي ) إلى ضرورة طاعة الأمة وتسليمها للفقيه ، ولم يجدوا بعد ذلك أي حق للامة في ممارسة الشورى أو النقد أو المعارضة أو القدرة على خلع الفقيه العادل ، أو تحديد صلاحياته أو مدة رئاسته .

وقد ذهب الإمام الخميني في رسالته الشهيرة إلى رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنائي عام (1408ه / 1988م) إلى قدرة الفقيه الولي على فسخ الاتفاقيات الشرعية التي يعقدها مع الأمة ، من طرف واحد ، إذا رأى بعد ذلك ان الاتفاقية معارضة لمصلحة الإسلام أو مصلحة البلاد ، وأناط بالحاكم وليسبالأمة تحديد المصلحة العامة.

وذهب الشيخ حسين علي المنتظري في :( دراسات في ولاية الفقيه) إلى :· ان الإمام والحاكم الإسلامي قائد ومرجع للشؤون السياسية والدينية معا .. وان المسئول والمكلف في الحكومة الإسلامية هو الإمام والحاكم ، وان السلطات الثلاث بمراتبها أياديه واعضاده ، وان طبع الموضوع يقتضي ان يكون انتخاب أعضاء مجلس الشورى بيده وباختياره لينتخب من يساعده في العمل بتكاليفه ومع انه استثنى من باب الأولوية انتخاب الأمة لأعضاء مجلس الشورى ، لأنه ادعى لاحترام القرارات المتخذة والتسليم في قبالها ، إلا انه أكد قدرة الإمام العادل (الفقيه) على تعيين أعضاء مجلس الشورى بنفسه إذا رأى عدم تهيؤ الأمة لانتخاب الأعضاء ، أو لم يكن لها رشد ووعي سياسي لانتخاب الرجال الصالحين ، أو كانت في معرض التهديدات والتطميعات واشتراء الآراء . 23

ولكن المنتظري عاد فاستثنى من ذلك صورة اشتراط الأمة على الإمام حين انتخابه كون انتخاب فريق الشورى بيد الأمة لا بيده . وهذا بالضبط ما فعله الإمام الخميني حين اقر الدستور وأسس الجمهورية الإسلامية ، ولكنه عاد فتحرر من العمل به بناء على (ولاية الفقيه المطلقة ) .

 

كتاب : تطور الفكر السياسي الشيعي .