''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''
: الإمام الخميني : مواقفه - محادثات الخميني مع الأمريكان

مشرف الموقع

10/8/1425

دعوة لقراءة المقال

نسخة لطباعة المقال


محادثات الخميني مع الأمريكان

محادثات الخميني مع الأمريكان

يقول الدكتور الشيعى موسى الموسوي فى كتاب الثورة البائسة 

محادثات الخميني مع الأمريكان

 

وهنا نصل إلى بيت القصيد في شرح العلاقات الثنائية بين الخميني والامريكان إلى ماقبل ازمة الرهائن ، ومن انها كانت علائق حسنة ووثيقة لا يستوجب التفريط بها لحماية الشاه الذي فقد كل قواعده الشعبية في ايران . وبما ان السياسات العالمية الكبرى لاتصل إلى احد في البلاد التي يحكمونها بصلة القربى ، بل انها تنبع من مصالحها الهامة التي تسعى لاجلها فلذلك كانت التضحية بالشاه في سبيل الخميني امرا معقولا اذا ما استمر الخميني على نهج الشاه في تنفيذ المخطط العام الذي كانت ترسمه له وهكذا ضحى الامريكان بالشاه وهم على امل صديق حميم قوي جديد .

1)  اما حكمة بختيار في معالجة الازمة السياسية ذهبت ايضا ادارج الرياح ، فان شاهبور بختيار الوطني الذي قضى شطرا كبيرا من حياته في معارضة الشاه وفي سجونه كان قد فقد في نظر الشعب تلك الوطنية بعد ان صافح الشاه واخذ على عاتقه حماية التاج ، والازمة السياسية التي كانت تعد العدة للثورة تجاوزت حدود الاشخاص والافراد ولم يكن بمقدور شخص واحد ان يوقف زحفها مهما كانت وطنيته ونضاله المشرف . وعندما عين الدكتور بختيار رئيسا للوزراء كنت انا في بغداد واتصلت هاتفيا بالسيد ابو الحسن بني صدر وقلت له في حديث دام قرابة ساعة ، الوطنية تفرض عليكم حماية هذا الرجل ان الوطنية تفرض عليكم وعلى الخميني ان تجدوا حلا وسطا لمساندته فباستطاعته ان يجد حلا فيه الخلاص من الملكية ومنع البلاد ومؤسساتها من الانهيار الكامل ، ولم يجد كلامي اذنا صاغية في وقته فسافرت إلى باريس وانا في طريقي إلى امريكا وكان الخميني انذاك فيها والشاه في المغرب في السفرة التي لم يعد منها ابدا إلى بلاده فاتصل بي احد اقرباء بختيار يطلب مني ان اقوم بدور الوفاق بين بختيار والخميني ، وارسل بختيار ابن عمه عباس قلي بختيار والذي كان وزير العمل في حكومته إلى باريس ، وحاولت ان اصلح بين الرجلين ودامت المحادثات ثلاثة ايام ، ومع ان الدكتور بختيار كان يعد باعلان الجمهورية شريطة ان يمهله الخميني ثلاثة اشهر ، الا ان الخميني كان لايراه صادقا في مواعيده ثم كان يقول ما دام اننا وصلنا إلى ابواب الانتصار فلماذا ننتظر ثلاثة اشهر اخرى . وفي اخر لقاء مع الخميني سألته بصراحة ، اذا اعلن بختيار الجمهورية يوم غد فماذا يكون موقفك منه ؟ هل تؤيده ؟ ام تقف ضده ، وبدا الاحراج على وجه الرجل .

وقال : انه لن يفعل هذا . فسألته من جديد : اذا فعل فكرر الخميني كلامه مرة اخرى فكررت عليه القول ، سنفرض انه فعل ، ماذا يكون موقفك ؟ طأطأ الخميني رأسه .

ثم قال بعد برهة انه لن يفعل وسكت وانتهت المحادثات وخرجت من عند الرجل مقتنعا انه لايسمح لاحد ان يلعب دورا بارزا في الثورة بل يريد ان يحتكر كل دور لنفسه ، وفي صباح اليوم التالي ،

قلت للسيد عباس قلي انا لااجد في المحادثات هذه نجاحا وتقدما وساطلب من السيد ابو الحسن بني صدر ان يتابع الوساطة فهو صديق الرجلين وغادرت باريس إلى الولايات المتحدة الامريكية ، وبعد يومين اتصلت بالسيد بني صدر هاتفيا وسألته عن سير المحادثات ،

فقال : ان المهمة فشلت وانه سيترك باريس مع الخميني بعد يومين إلى طهران وسألته وعلى متن طائرة واحدة ؟ اجاب نعم ثم اضاف قد تسقط الطائرة ونستريح جميعا ،

فقلت : والعالم بأسره ،

قال : أي والله .

لم تستطع حكومة بختيار مواجهة التيار الحاد الذي كان يعصف بحكومته ، فالتيار كان اقوى منه ولم يكن بختيار هو المقصود بالامر بل كان المقصود هو النظام الذي اصبح بختيار جزءا منه ، وسقط النظام وسقط معه بختيار ، وهكذا فقد الشاه ثاني امل في العودة وبقي الامل الثالث وهو الجيش وقادة الشاه الاوفياء وهذا الامر لم يكن اكثر من (سَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) وتفصيل فشل الجيش في مواجهة الثورة العارمة التي شلت كل مرافق الدولة بما فيها الجيش نفسه يتخلص فيما يلي :

اولا ان اكثرية قواد الجيش الذين نصبهم الشاه في مناصب مرموقة من مرافق القوات العامة لم يشترط فيهم الكفاءة العسكرية بل كان الشرط الاول والاخير هو الوفاء للشاه واطاعته اطاعة عمياء ، وبما ان الجيش يتبع قادته في مواجهة الازمات الحادة فان القوات العسكرية لم تستطع حسم المواجهات المتتالية مع الشعب عسكريا سواء بسبب عدم كفائتهم او بسبب ضعف الشاه في اتخاذ القرارات الحاسمة او لعدم وجود ضوء اخضر من الامريكان الذين كانوا يسيطرون على مرافق الجيش المختلفة والهامة بمستشارين عسكريين وسياسيين كما ان من الضروري ان لا يغرب عن بالنا ان الجيش الايراني جيش مسلم ومتأثر بالمبادئ الاسلامية ومع وفائه المطلق للشاه الا ان وفائه لدينه يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار وقد اخذت الثورة طابعا دينيا في اخر ايامها حيث انضمت إلى الثورة اكثر الشخصيات الدينية الهامة ذات النفوذ في قلوب الشعب ، وانضمام كثير من هؤلاء إلى الثورة كان اضطرارا وخوفا من الرأي العام والشارع الذي انضم إلى الرأي العام بدأ يتحكم في الوضع السياسي السائد في البلاد ، كما ان كثيرا من رجال الدين الذين التحقوا بالثورة كانوا من انصار الشاه او من معارضي الخميني ولكنهم عندما علموا ان القطار المليء بالغنائم سيفوتهم اذا بقوا محايدين او مناصرين للشاه ، انضموا إلى الثورة شأنهم شأن كل مستغل للظروف السانحة التي تعصف بالرطب واليأبس .

اذا كان من الطبيعي ان يتأثر الجنود والضباط الصغار وهم الكثرة البالغة في الجيش بالعاصفة الشعبية المطلية بطلاء الدين ولاسيما ان الجنود كانوا من الشعب فلابد وانهم يتأثرون بالثورات التي تأخذ الطابع الشعبي العام فقد تحصل مواجهة بين الجيش والشعب ولكن لفترة محدودة ولمرة او مرتين ، اما المواجهة التي انتهت إلى انهيار الجيش الايراني امام الشعب فقد استمرت ستة اشهر وكانت تحصل المواجهة كل يوم وفي كل ناحية من ايران المترامية الاطراف وفي صورة كر وفر انتهت في آخر المطاف إلى تضعيف معنويات الجيش وعدم الولاء لقوادهم الذين كانوا هم بدورهم لايدرون حقيقة السياسة التي يجب عليهم اتباعها . وقد انتهت معنويات الجيش الايراني بمغادرة الشاه أي القائد الاعلى للقوات المسلحة إلى خارج ايران بتلك الصورة المشينة ولا شك ان جيشا كجيش ايران الذي تعود ان يظهر وجهه الحقيقي تحت راية ملوكه قد ينتهي وينهار اذا ما هرب إلى خارج البلاد قائده الاعلى وامبراطوره الذي كان يرى فيه مجد ايران القديم والحديث معا . وهكذا انهار بين عشية وضحاها جيش كان قوامه 400الف جندي مدجج بالسلاح ومعدات عسكرية ارضية وجوية كانت تقدر بثلاثين بليون دولار وخبرات عسكرية ومستشارين اجانب كانت تكلف الشعب اربع الاف مليون دولار سنويا من قوته ودمه ، ليعلم العالم ان ارادة الشعب تنبع من ارادة الله واذا اراد الله شيئا هيأ اسبابه .

كتاب الثورة البائسة للدكتور الشيعي موسى الموسوي